الثلاثاء، 5 فبراير 2013

وكأنه بيننا

أخى الحبيبانا و انت على هذا الطريق منذ سنوات . رباطنا الحب فى الله و زادنا العمل الصالح و عملنا الدعوة الى الله . أعلم ان المحن التى مررنا بها لم تجد فيك الا يقينا بالنصر , و اصرار على المواصلة , و ارتباطا باخوانك . ولولا انت لصار فى صفنا خرقا و في جماعتنا نقصا , فكم من المواقف كنت انت لها . ربما لم يزكيك احد ولم يدون اسمك أحد , ولكنك عند الله معلوم و اجرك محفوظ و جهادك مشهود , ورباطك فى الذود عن رمز دعوتك بالامس واليوم وغدا, يشكرك عليه اخوانك ويشدون على يديك وينتظرون منك المزيد أخى الحبيب

أخى الحبيب نحن نعلم عظم الموقف الذى نحن مقبلون عليه ودقة المرحلة التى نعيشها وحجم التحديات التى تعوق تقدم هذا الوطن نحو الاستقرار والتنمية , ونحن نعلم تماما أن نصر الاسلام لن يأتى الينا على طبق من فضة لا تحسبن المجد تمرا انت آكله :: لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا كما اننا نعلم كذلك علم اليقين أن هذه المعركة انما يديرها الله الذى يعلم كيد من يكيد وتدبير من يدبر لكنه بكيدهم محيط ولتدبيرهم مبطل وهو سبحانه يدافع عن الذين آمنوا , ما تمسكوا به ولجئوا الي بابه , وتضرعوا اليه

 
أخى الحبيب اذكرك بما لم تنس فان هذا الطريق لن يصلح اخره الا بما صلح به اوله فدونك صلاة الفجر و قراءة الورد و اذكار الصباح و المساء .واعلم ان تماسك هذه الجماعة هو الحفاظ على اسرتك فلا تقدم عليها مالا يجب ان يتقدم و اجعلها نصب عينيك ان لم تتزود منها فزد انت فيها بما تعلمته من اخوانك عبر السنوات الماضية فهى لبنة الجماعة الاولى . و الجماعة متماسكة بقدر تماسك اسرتها و بقدر ما تتهاون فى حضور الاسرة بقدر ما يصيب الجماعة بالترهل و التفكك.



للإمام الشهيد حسن البنا 

الداعية

الداعية الإيجابي.. مسلم ذو قبضة حديدية..
يقول: ينبغي أن يكون هذا..
بعزم.. و حزم.. و إرادة لامعة..
فيكون بإذن الله.
إذا قال.. فعل..
و إذا نوى.. اقتحم
و له ميراث من يحيى عليه السلام لما قل له:
"يا يحيى خذ الكتاب بقوة"
 
لد محمد أحمد الراشد

الاثنين، 31 ديسمبر 2012

ع ر ب ي

ذكر عبد الحميد الثاني آخر سلاطين الخلافة، أن انتشار المدارس الأجنبية كان سببا في تدهور الثقافة العامة في الخلافة. ذكر أنه أصبح لكل بلد "مدرسة". و أن عددها تضاعف عشر مرات على الأقل في ولايته، و أنها تشكل خطرا على "الهوية". ربما أصبح ذلك رافدا من روافد "الوطنية" التي قتلت فكرة الخلافة في مقتل.
في أوروبا، لا أثر لمدارس "اللغات". في كل بلد أقمت فيها (سويسرا، ألمانيا، بلجيكا و فرنسا) هناك مدرسة "أمريكية" لنخبة النخبة. في بلجيكا مصاريف المدرسة في واتر لو تقريبا 20 ألف يورو في العام، في مقابل بضعة مئات للمدارس الحكومية، نسخة المدرسة الأمريكية في سويسرا بتيتشينو، لم أجرؤ يوما على السؤال على مصاريفها، يكفي أن تمر خارج المدرسة لتشاهد سيارات الطلبة الثانوية (بورش و بوجاتي... و أشياء من هذا القبيل)، أغلبهم أبناء شخصيات عالمية بارزة تم إستحضارهم لتلك المدرسة الداخلية لأسباب مختلفة. سمعت أرقاما مشابهة لبضعة آلاف في اليوم الواحد. الخلاصة، أن التعليم الحكومي هو الأساس. وما عدا ذلك فإنه لشريحة أثرياء الأثرياء النادرة أصلا في مجموع الشعب.

لفت طه حسين في أحد مقالاته الانتباه لنفس الأمر، أن التعليم الإنجليزي، و الفرنسي و الألماني، ... إلخ بأنواعه يؤدي بالضرورة لاختلافات ثقافية عميقة في المجتمع، تجعل بالضرورة كل طالب أميل لثقافة مدرسته. ربما لم يكن أيامه يوجد فقاعة التعليم الخاص أو اللغات و الدولي و الدولي الأمريكي و التجريبي و القومي و العسكري .... إلخ. والتي بطبعها أضافت بعدا "طبقيا" فوق البعد الثقافي.

الخلاصة،

لا أمل في دولة فيها هذا الكم من الاختلاف في الأسس الثقافية المكونة لشخصية الفرد الوطني. الاختلاف نفسه أمر مطلوب وواجب لإثراء الإبداع، ولكن من منطلقات ثقافية راسخة. تجد في الدول متعددة اللغات اهتمام جاد باللغات الأخرى. مثلا أغلب من قابلت من متعلمي سويسرا يتحدثون لغة المقاطعة وهي إما الفرنسية أو الإيطالية أو الألمانية و كذلك لغات الدولة الباقية، و عليها الإنجليزية، و أحيانا النمساوية(لأنها أيضا من لغات الدولة). أي أن المتعلم العادي يتحدث 4 أو 6 لغات. ولكن يبقى التعليم الحكومي هو الهيكل الرئيسي لتعليم كل تلك اللغات. تجد مثلا عامل القطار أو بائعة التذاكر تتحدث على الأقل 4 لغات بطلاقة تامة.

تعلمت في مدارس "إنجليزية"، أحيانا، كنت أفخر بذلك. أحيانا مرت لم أكن أكتب فيها حرفا بالعربية، و تغير كل ذلك. ولكني أعي كم "الطبقية" و كم "الاختلاف" الثقافي حتى التي تخلقه المدارس في وعي النشئ. شاهدت ذلك بعيني في مراحل التعليم التالية للثانوية، وربما وعيته باكرا. أصبحت أكثر إدراكا لتحيزات الطلاب بناءا على تعليمهم الثانوي بالتوازي مع الشريحة الاجتماعية. ربما أصبحت أكثر "أصولية" و ارتباطا بهويتي بعدما رأيت قدرا ميسورا من الأرض و رأيت كيف يهتم الفرنسيون و الألمان بهوياتهم خالصة، حتى ترجموا للغاتهم حتى لغات البرمجة(!). بل إن الفلمانكيين من سكان بلجيكا و الذي لا يتعدى تعدادهم ال 6 ملايين بأي حال، يترجمون كل ما يصل إلى أيديهم للغتهم الفقيرة البائسة. أشعر بالخجل حينما أنظر إلى الاسكندرية بملايينها و إهمالها للغة، في مقابل كم المنتج من كتب و تراجم و برامج و أنظمة لهؤلاء الفلمنكيين.

أحلم بتعليم حكومي، موحد، لا طبقية فيه. يثري الهوية، و يدعم الاختلاف في مراحله المتأخرة. و يهتم باللغات الأخرى.
 
أحمد عبد الحميد

الخميس، 1 نوفمبر 2012

أنس بنت كريم الدين


بطلتنا اليوم... هي واحدة من ممن لم يرق لهن أن يكن على هامش الأحداث، أو في حاشية الزمن فهي إحدى العظيمات في سماء تراثنا الأشم، وتاريخنا العطر.

لما بلغ العالم الشاب خمسا وعشرين سنة، أشار عليه شيخه أن يخطب بنت القاضي كريم الدين... عبد الكريم... وكانت إذ ذاك قد بلغت ثمانية عشر ربيعا فما كان منه إلا أن لبى دعوة شيخه ونصيحته، لما كان يعتمل في نفوس طلبة العلم من توقير لمشايخهم يفوق احترام الآباء، في كثير من الأحيان.

وفي صباح يوم أغر، ذهب يقصد هذا البيت الكريم من بابه -لا عن طريق محاورات عبر شبكة الانترنت!- وانفتح مع دخول الباب، أبواب فضل عظيمة، وأسباب للبركة كريمة إذ لم يفتأ مذ عقد عليها هذا الذي يتوقد فطنة وحبًا للسنة، منذ ريعان شبابه ونعومة أظفاره أن يسقيها مما آتاه الله من جزالة علم ومتانة فهم...

وماله ألا يفعل وهو الإمام الذي لا تخلو مكتبة طالب علم أو عالم، من مؤلفه الموسوعي الفريد الذي يضاهي كتب المتقدمين متانة وجودة وتحريرا وتقريرا وتحقيقا وتدقيقا...

فعندما سئل الإمام الشوكاني: لمَ لا تصنف شرحا للبخاري؟
قال: لا هجرة بعد الفتح!

لا بد أنكم عرفتموه؛ إنه الإمام الحافظ.. شيخ الجرح والتعديل، أحمد بن حجر العسقلاني وكان من وفائه -رحمه الله- يتعهد زوجه بالعناية، كما الأطيار تعني بفراخها.

فأسمعها الحديث المسلسل، وتدارس معها الأسانيد والعلل، والمتون، والسير ناهيك عن انتظامها في حلقات مشايخ آخرين، بسماح زوجه لها؛ رغبة منه في بلوغها الأرب.

وقد دخل عليها ذات مرة وقد أصبح يتحلق حولها كبار أهل العلم!...فقال وهو يتبسم: قد صرت شيخة يا أنس! (بضم الهمزة وتسكين النون).

وكانت تملي من حفظها.. فقرأ عليها الإمام السخاوي بحضور زوجها صحيح البخاري وخرّج لها بنفسه أربعين حديثا.

وكان من عادتها -رحمها الله تعالى- أنها تحتفل في نهاية سلسلة الدروس بتقديم الحلوى للطلبة تكريما لهم وحين يتتبع الراصد لهذه الأسرة المباركة،يلحظ علاقة الحب الشفافة التي كانت تجمع بينهما، فمن قرأ سيرة الإمام ابن حجر؛ وجد له أبياتا صادقة في وصف شوقه لها، وعدم احتمال فراقها، لما خرجت حاجة إلى البيت الحرام وقد رزقهما الله خمسة من البنين والبنات...
ومات لهما ثلاثة...

ولما توفي زوجها الحافظ.، أصرت أن تظل وفية له.. فلم تتزوج بعده.

وحين حضرتها الوفاة، أوصت بجل مالها للمشاريع الخيرة، وهذا دأبها -رحمها الله تعالى- في حب الصدقة.

هذه همسة لأخواتي هنا: أن يقتفين أثرها في حب العلم، لا للعلم ذاته؛ وإنما للفهم عن الله، والتوقيع عنه في الأرض...

وما أشرف أن يكون المرء وارثا للنبوة!


موقع مداد

أبكي على شامِ الهوى


أبكي على شامِ الهوى *** بعيون مظلومٍ مُناضِل
وأذوبُ في ساحاتِها *** بين المساجدِ والمنازل
ربّاه سلّم أهلَها *** واحْمِ المخارجَ والمداخل
واحفظْ بلادَ المسلمين *** عن اليمائن والشمائل
مُستضعَفين فمَن لهم *** يا ربِّ غيرُك في النوازل

مُستمسِكين بدينهم *** ودماؤهم عِطرُ الجنادل
رفعوا الأكفَّ تضرَّعوا *** عند الشدائدِ والزلازل
يا ربِّ صُن أعراضَهم *** ونفوسَهم من كلِّ قاتل
وَقَفُوا دُروعاً حُرَّةً *** دونَ البنادق والقنابل
نامت عيونُ صغارِهم *** واستيقظت نارُ المعاول
لا عاش قاتلُهم ولا *** دامت له يوماً أنامل
وعليه أصبح حَوْبَةً *** دمعُ الثّكالى والأرامل
لله ربّي المشتكى *** ربِّ الأواخر والأوائل
والله فوق المعتدي *** فوق الأسِنّة والسلاسل
وغداً يكونُ لأمّتي *** صرحٌ تُزَيِّنُهُ المشاعل
وغداً إذا الحقُّ اعتلى *** حتماً سيَزَهقُ كلُّ باطل

الاثنين، 22 أكتوبر 2012

في القدس



مرَرْنا عَلى دارِ الحبيب فرَدَّنا عَنِ الدارِ قانونُ الأعادي وسورُها
فَقُلْتُ لنفسي رُبما هِيَ نِعْمَةٌ فماذا تَرَى في القدسِ حينَ تَزُورُها
تَرَى كُلَّ ما لا تستطيعُ احتِمالَهُ إذا ما بَدَتْ من جَانِبِ الدَّرْبِ دورُها
وما كلُّ نفسٍ حينَ تَلْقَى حَبِيبَها تُسَرُّ ولا كُلُّ الغِيابِ يُضِيرُها
فإن سرَّها قبلَ الفِراقِ لِقاؤُه فليسَ بمأمونٍ عليها سرُورُها
متى تُبْصِرِ القدسَ العتيقةَ مَرَّةً فسوفَ تراها العَيْنُ حَيْثُ تُدِيرُها
...
في القدسِ، بائعُ خضرةٍ من جورجيا برمٌ بزوجته
يفكرُ في قضاءِ إجازةٍ أو في طلاءِ البيتْ
في القدس، توراةٌ وكهلٌ جاءَ من مَنْهاتِنَ العُليا
يُفَقَّهُ فتيةَ البُولُونِ في أحكامها
في القدسِ شرطيٌ من الأحباشِ يُغْلِقُ شَارِعاً في السوقِ،
رشَّاشٌ على مستوطنٍ لم يبلغِ العشرينَ،
قُبَّعة تُحَيِّي حائطَ المبكَى
وسياحٌ من الإفرنجِ شُقْرٌ لا يَرَوْنَ القدسَ إطلاقاً
تَراهُم يأخذونَ لبعضهم صُوَرَاً
مَعَ امْرَأَةٍ تبيعُ الفِجْلَ في الساحاتِ طُولَ اليَومْ
في القدسِ دَبَّ الجندُ مُنْتَعِلِينَ فوقَ الغَيمْ
في القدسِ صَلَّينا على الأَسْفَلْتْ
في القدسِ مَن في القدسِ إلا أنْتْ
...
وَتَلَفَّتَ التاريخُ لي مُتَبَسِّماً
أَظَنَنْتَ حقاً أنَّ عينَك سوفَ تخطئهم، وتبصرُ غيرَهم
ها هُم أمامَكَ، مَتْنُ نصٍّ أنتَ حاشيةٌ عليهِ وَهَامشٌ
أَحَسبتَ أنَّ زيارةً سَتُزيحُ عن وجهِ المدينةِ يابُنَيَّ
حجابَ واقِعِها السميكَ لكي ترى فيها هَواكْ
في القدسِ كلًّ فتى سواكْ
وهي الغزالةُ في المدى، حَكَمَ الزمانُ بِبَيْنِها
ما زِلتَ تَرْكُضُ خلفها مُذْ وَدَّعَتْكَ بِعَيْنِها
فًارفق بِنَفسكَ ساعةً إني أراكَ وَهَنْتْ
في القدسِ من في القدسِ إلا أَنْتْ
...
يا كاتبَ التاريخِ مَهْلاً،
فالمدينةُ دهرُها دهرانِ
دهر أجنبي مطمئنٌ لا يغيرُ خطوَه وكأنَّه يمشي خلالَ النومْ
وهناك دهرٌ، كامنٌ متلثمٌ يمشي بلا صوتٍ حِذار القومْ
...
والقدس تعرف نفسها،
إسأل هناك الخلق يدْلُلْكَ الجميعُ
فكلُّ شيئ في المدينةِ
ذو لسانٍ، حين تَسأَلُهُ، يُبينْ
...
في القدس يزدادُ الهلالُ تقوساً مثلَ الجنينْ
حَدْباً على أشباهه فوقَ القبابِ
تَطَوَّرَتْ ما بَيْنَهم عَبْرَ السنينَ عِلاقةُ الأَبِ بالبَنينْ
...
في القدس أبنيةٌ حجارتُها اقتباساتٌ من الإنجيلِ والقرآنْ
في القدس تعريفُ الجمالِ مُثَمَّنُ الأضلاعِ أزرقُ،
فَوْقَهُ، يا دامَ عِزُّكَ، قُبَّةٌ ذَهَبِيَّةٌ،
تبدو برأيي، مثل مرآة محدبة ترى وجه السماء مُلَخَّصَاً فيها
تُدَلِّلُها وَتُدْنِيها
تُوَزِّعُها كَأَكْياسِ المعُونَةِ في الحِصَارِ لمستَحِقِّيها
إذا ما أُمَّةٌ من بعدِ خُطْبَةِ جُمْعَةٍ مَدَّتْ بِأَيْدِيها
وفي القدس السماءُ تَفَرَّقَتْ في الناسِ تحمينا ونحميها
ونحملُها على أكتافِنا حَمْلاً
إذا جَارَت على أقمارِها الأزمانْ
...
في القدس أعمدةُ الرُّخامِ الداكناتُ
كأنَّ تعريقَ الرُّخامِ دخانْ
ونوافذٌ تعلو المساجدَ والكنائس،
أَمْسَكَتْ بيدِ الصُّباحِ تُرِيهِ كيفَ النقشُ بالألوانِ،
وَهْوَ يقول: "لا بل هكذا"،
فَتَقُولُ: "لا بل هكذا"،
حتى إذا طال الخلافُ تقاسما
فالصبحُ حُرٌّ خارجَ العَتَبَاتِ لَكِنْ
إن أرادَ دخولَها
فَعَلَيهِ أن يَرْضَى بحُكْمِ نوافذِ الرَّحمنْ
...
في القدس مدرسةٌ لمملوكٍ أتى مما وراءَ النهرِ،
باعوهُ بسوقِ نِخَاسَةٍ في إصفهانَ لتاجرٍ من أهلِ بغدادٍ أتى حلباً
فخافَ أميرُها من زُرْقَةٍ في عَيْنِهِ اليُسْرَى،
فأعطاهُ لقافلةٍ أتت مصراً، فأصبحَ بعدَ بضعِ سنينَ غَلاَّبَ المغولِ وصاحبَ السلطانْ
...
في القدس رائحةٌ تُلَخِّصُ بابلاً والهندَ في دكانِ عطارٍ بخانِ الزيتْ
واللهِ رائحةٌ لها لغةٌ سَتَفْهَمُها إذا أصْغَيتْ
وتقولُ لي إذ يطلقونَ قنابل الغاز المسيِّلِ للدموعِ عَلَيَّ: "لا تحفل بهم"
وتفوحُ من بعدِ انحسارِ الغازِ، وَهْيَ تقولُ لي: "أرأيتْ!"
...
في القدس يرتاحُ التناقضُ، والعجائبُ ليسَ ينكرُها العِبادُ،
كأنها قِطَعُ القِمَاشِ يُقَلِّبُونَ قَدِيمها وَجَدِيدَها،
والمعجزاتُ هناكَ تُلْمَسُ باليَدَيْنْ
...
في القدس لو صافحتَ شيخاً أو لمستَ بنايةً
لَوَجَدْتَ منقوشاً على كَفَّيكَ نَصَّ قصيدَةٍ
يابْنَ الكرامِ أو اثْنَتَيْنْ
...
في القدس، رغمَ تتابعِ النَّكَباتِ، ريحُ براءةٍ في الجوِّ، ريحُ طُفُولَةٍ،
فَتَرى الحمامَ يَطِيرُ يُعلِنُ دَوْلَةً في الريحِ بَيْنَ رَصَاصَتَيْنْ
...
في القدس تنتظمُ القبورُ، كأنهنَّ سطورُ تاريخِ المدينةِ والكتابُ ترابُها
الكل مرُّوا من هُنا
فالقدسُ تقبلُ من أتاها كافراً أو مؤمنا
أُمرر بها واقرأ شواهدَها بكلِّ لغاتِ أهلِ الأرضِ
فيها الزنجُ والإفرنجُ والقِفْجَاقُ والصِّقْلابُ والبُشْنَاقُ
والتاتارُ والأتراكُ، أهلُ الله والهلاك، والفقراءُ والملاك، والفجارُ والنساكُ،
فيها كلُّ من وطئَ الثَّرى
كانوا الهوامشَ في الكتابِ فأصبحوا نَصَّ المدينةِ قبلنا
أتراها ضاقت علينا وحدنا
يا كاتب التاريخِ ماذا جَدَّ فاستثنيتنا
يا شيخُ فلتُعِدِ الكتابةَ والقراءةَ مرةً أخرى، أراك لَحَنْتْ
...
العين تُغْمِضُ، ثمَّ تنظُرُ، سائقُ السيارةِ الصفراءِ، مالَ بنا شَمالاً نائياً عن بابها
والقدس صارت خلفنا
والعينُ تبصرُها بمرآةِ اليمينِ،
تَغَيَّرَتْ ألوانُها في الشمسِ، مِنْ قبلِ الغيابْ
إذ فاجَأَتْني بسمةٌ لم أدْرِ كيفَ تَسَلَّلَتْ للوَجْهِ
قالت لي وقد أَمْعَنْتُ ما أَمْعنْتْ
يا أيها الباكي وراءَ السورِ، أحمقُ أَنْتْ؟
أَجُنِنْتْ؟
لا تبكِ عينُكَ أيها المنسيُّ من متنِ الكتابْ
لا تبكِ عينُكَ أيها العَرَبِيُّ واعلمْ أنَّهُ
في القدسِ من في القدسِ لكنْ
لا أَرَى في القدسِ إلا أَنْتْ

الأربعاء، 26 سبتمبر 2012

حينما تتسالون ما القدس ؟؟؟؟




حينما تتسالون ما القدس ؟؟؟؟
فأجيبكم بأشعارى

من ساحلِ البحرِ حتى قُدْسِ أَقْداسي

تمتدُّ شمسي وأشجاري وأعراسي

هنا القبابُ على الآفاقِ ساجدةٌ

بِتبْرِها وهناك الموجُ بالماسِ

هنا تُشرَّعُ خيلُ اللُّهِ أجنحةً

ويعتلي حمأةَ البُركانِ مِتْراسي

ويرْجِعُ العيدُ في المحرابِ إنْ صَدَحتْ

مآذنُ القُدسِ في ميلادِ أجراسي

هنا الشَبَابيكُ والحِنّاءُ في يدها

يُضَوِّعُ السّهلَ من عكّا لطوباسِ

هنا العروسُ على الإجلالِ إن رُفِعَت

بها الهوادِجُ من حيفا لأَرْطاسِ

هنا حُقولي، وموَّالي على نَهَرٍ

وعلقمي سُكَّرٌ من كفِّ نَطّاسي

يا أرضَ كنعان إنَّ الليلَ مُتَّصِلٌ

فَأَرْجعي لدروبِ الفتحِ أفْراسي

ووحّدي الأَهلَ، كادَ الضدُّ يقتُلني

هذا كُلَيْبٌ وهذي أُختُ جسّاسِ

وتلكَ داحسُ والغبراءُ قد بُعِثَتْ

مع البسوسِ، على رِجْسٍ وَوسْواسِ

وهذهِ في رُبى صِفّينَ قد جَمعَتْ

أبناءَ عَمّ ٍ على نابٍ وأضراسِ

فأوقفي غَبشَ الأحقادِ آن لنا

أنْ نُفْرِغَ الكاسَ، إنّي أُترِعَت كاسي

أنا اٌبنُ عبدِ مَنافٍ حينِ تندهُني

فيستجيبُ عليٌّ وآبنُ عبّاسِ

والفاطميون أخوالي إذا هَدَلتْ

أُمّي، يكون جميعُ القوم جُلاّسي

وآلُ أيّوبَ مَنْ جاءوا على فَرَسٍ

فَراقَصَ الشَِّعرُ شِرياناً بِميّاسِ

وكان في حانةِ الخَيّام مَنْ ذُهلوا

بليلةٍ مَزَجَتْ خمراً بِنَوَّاسِ

يا آورَ سالمَ مُدّي خافقيكِِ لنا

كنورسٍ في سما جَمْري وأَقْباسي

وحاولي أنْ تَدُفّي مثلَ عاصفةٍ

فلم يصل جارحٌ لولا آبنُ فِرْنَاسِ

هذي عباءَتُكِ الشقراءُ سابحةٌ

في الغيم تهمي وروداً فوق أقواسي

ويهتف النَخْلُ في الريحِ التي عَبقت

خُذْني لبيّارةِ الليمونِ والآسِ

يبوسُ ! قد فَهَقَتْ في الشاطئين لنا

نارٌ تُضيء ذُرى يافا وعِمْواسِ

أنا العروبَةُ والإسلامُ، عارمةٌ

مراكبي، وعلى الراياتِ نبراسي

أنا الشآميُّ والنيلُ الذي عرِفوا ..

واٌبنُ العراقِ وكلُّ الخَلْقِ مِن ناسي

أنا البدايةُ والطينُ الذي آشتعلتْْ

به النجومُ، فذابَتْ فوق أنفاسي

أنا المحيطُ، وسدُّ الماء إِنْ عطشت

هذي المجرّاتُ، والآوراسُ آوراسي

والأبجديةُ كانت بعضَ ما نَطَقتْ

به حروفي، فكان البرقُ كُرّاسي

أنا السفائنُ من قرطاج إنْ مَخَرتْ

على الضفافِ، وحقلي باذخٌ راسي

أنا القناديلُ، لا فجرٌ سيشرق في

هذا الزمانِ، سوى من زيتِ قرطاسي

أنا المناديلُ قد فَاحَتْ بِسوْسَنها

كأنها صفحةٌ من زَهْر نِرْساسِ

أنا الشَقائقُ في الياقوتِ إنْ شَهقت

رمّانةُ الجُرحِ من رَمْيات قوّاسِ

أنا النيازكُ إصباحٌ على ظُلَمٍ

وَيُورقُ الصُبْحُ في إشراقِ أغراسي

أنا الملاحمُ والفرسانُ صاعدةٌ

إلى الأساطيرِ ميداسٌ لميداسِ

أنا زفافُ طيورِ البحرِ إنْ غنجت

ريشاتُها أشعلت ناراً بأمواسي

هنا الرسائلُ لا تفترُّ جملتُها

شيخي ينادي على حَبْري وشمّاسي

هنا السلامُ على العدلِ الذي نَشَدوا

تاجُ السنابلِ يحنو فوق دَرَّاسِ

أنا معلّقةُ الصحراء باقيةٌ

ما دام سِحْري على حِبْري وأطراسي

أنا المدائنُ من صَنْعا إلى حلبٍ

وهي الحضارةُ من نجدٍ لِمِكْنَاسِ

أنا عروسُ عبابِ الشّهدِ في بلدٍ

يمتدُّ من أخمص المرجانِ للراسِ

أنا يبوسُ، وهذا إسمُ عاشقةٍ

لجنّةٍ جمعَتْ نايي وقُدّاسي

أنا على شَفَةِ الدّنيا إذا اٌبتسمت

وخافقي وترٌ من عهد حُوراسِ

أنا البراقُ، فمَنْ يرقى إلى نَسَبي

دربي السماءُ وزادي ملءُ أكياسي

فتحتُ بابي على العشاقِ فاجتمعوا

حولي؛ الحجازيُّ والنوبيُّ والفاسي

قدّمتُ مائدةَ الأنوارِ فامتلأت

كأسُ الرؤى بالرّضا .. من جَمْرةِ الطّاسِ

يا قُدْسُ! هذا دمي الورديُّ فاغتسلي

وهذه عاصفاتي تحت أرماسي

ورمحُ حرّيتي يهتزّ إنْ رهَجتْ

فيه النّجائعُ سيلاً فوقَ أتراسي

يا إيليا المجدِ ! هذي قنطراتُ أبي

تعلو على ما بَنَوْا شكلاً بمقياس

وهذه شعلةُ الإيمان طالعةٌ

على اللّواوين ترمي وَجْهَ خَنّاسِ

وكم رمينا وراءَ السُّورِ مَنْ نَفَثوا

قوماً لقومٍ وأجناساً بأجناسِ

غداً نكونُ، ويبدو السفحُ خابيةً

من الصغارِ .. تُغَنّي فوق أكداسي

ويرقصُ الطيرُ مذبوحاً على وَلَهٍ

كأنهم عَلَّقوا قلباً بِمِنْسَاسِ

إني أُحّبكِ يا قُدْسَ البلادِ هوىً

يفوقُ دَفْقةَ أضلاعي وإحساسي

فكلّما ذكروا عينيكِ، سيدتي

أرى الفراديسَ في مرآةِ أحْدَاسي

يا اٌسمَ الشقائقِ والريحانِ،عابثةً

به الفراشاتُ أُنْساً فوق إيناسِ

يحبّ وجهَكِ ذو نبضٍ وقد هتفت

له الجدائلُ في أقمار وَنّاسِ

والقافلون على التلاّت إنْ عَطِشوا

يكون بدرُ الليالي الطَّاعِمَ الكاسي

والقادمون على الأفياء إنْ حضروا

حَلّوا ببيتٍ بلا سقفٍ وأمْراسِ

فَبَيْتُهم كلُ هذا الفيضِ ثابتةً

أرْكَانُه دون أحْجَارٍ وكَلاّسِ

لأنّه بيتُ مَنْ كان السحابُ لهم

بيتاً، أقاموه بالإيثارِ والباسِ

يعزُّ ياقدسُ أنْ تبكي على كتفي

والأنبياءُ على أعتاب نَخّاسِ

يعزُّ، لكننّا بالحقَّ نُرْجِعُها

 
قُدْ ساً تقولُ: هنا أهلي وحُرّاسي
 
 
 

الاثنين، 27 أغسطس 2012

عل الشط

الأحد، 8 يوليو 2012

الحياة الحقيقية

“عندما نعيش لذواتنا, تبدو الحياة قصيرة ضئيلة تبدأ من حيث نعى, وتنتهى بانتهاء عمرنا المحدود. أما عندما نعيش لغيرنا, أى عندما نعيش لفكرة, فإن الحياة تبدو طويلة , عميقة. تبدأ من حيث بدأت الإنسانية وتمتد بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض , إننا تربح أضغاف عمرنا الفردى فى هذه الحالة
نربحها حقيقة لا وهماً”
 
 
سيد قطب

الاثنين، 2 يوليو 2012

l'amicizia

Lo splendore dell'amicizia
non è la mano tesa
né il sorriso gentile
né la gioia della compagnia:
è l'ispirazione spirituale
quando scopriamo
che qualcuno crede in noi
ed è disposto a fidarsi di noi..